أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عن أزمة النازحين السوريين في لبنان والمخاوف اللبنانية...هل يصمد لبنان في الـ 2019 ؟

تحت عنوان 2018 يحمل بذرة أمل بعودة النازحين ويُجهضها.. هل يصمد لبنان؟، كتبت راكيل عتيّق في "الجمهورية": مؤتمر بروكسيل الثاني لدعم سوريا، قمّة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، ما كشفه وزير خارجية الفاتيكان عن عدم وجود رغبة دولية بعودة النازحين، المواجهة بين لبنان الرسمي ومفوضية شؤون اللاجئين والمجتمع الدولي حول العودة، القوانين والتدابير السورية، توافر مناطق آمنة في سوريا وبدء العودة الطوعية للنازحين ودخول الأحزاب على خطّ تنظيمها... كلّها أحداث حملها عام 2018 في موضوع النازحين السوريين.
أمّا، أبرز ما حمله عام 2018 في موضوع النازحين، فهو المبادرة الروسية الناتجة عن قمة هلسنكي والتي شكّلت بادرة أمل وطمأنة، ما لبثت أن اضمحلّت، ما أثار مخاوف إضافية من إمكانية ضياع قضية النازحين في عام ثبّت ضياع قضية اللاجئين الفلسطينيين، من خلال "صفقة القرن" ووقف دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين "الأونروا".

لم يُشكِّل كشف وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور بول ريتشارد غالاغر، إلى وفد لبناني، عن عدم رغبة الرئيس السوري بشار الأسد بعودة النازحين، وكذلك عدم وجود رغبة دولية بعودة النازحين من الدول المجاورة لسوريا إلى بلادهم، مفاجأة بل صدمة أكّدت مخاوف لبنان.

مخاوف لبنان واظب كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، على التعبير عنها، في كلّ مناسبة، من مؤتمرات أو لقاءات، من على المنابر الدولية أو من داخل لبنان، والتشديد على ضرورة عودة النازحين إلى سوريا بعد توافر مناطق آمنة شاسعة في بلادهم، مع عرض التداعيات الكارثية للنزوح على لبنان بالأرقام، من كلّ النواحي الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية وحتى على البنى التحتية وقطاع العمل والقطاع التربوي.

ومن أبرزها، خطاب عون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي، الذي طالب فيه بالعودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين السوريين إلى بلدهم، مؤكداً أنّ تداعيات النزوح "تجعل الاستمرار في تحمّل هذا العبء غير ممكن"، رافضاً "كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني"، و"أيّ مشروع توطين، سواء لنازح أو للاجئ".

وكان عون أكّد الموقف اللبناني، خلال زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى بيروت في حزيران الفائت، وخلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

كذلك، طالب عون، رئيس مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد فيليبو غراندي الذي زار بيروت في آب الماضي، بأن تضطلع المفوضية بدور اكبر في تسهيل العودة الآمنة للنازحين السوريين في لبنان الى بلادهم، خصوصاً الى المناطق السورية التي باتت مستقرّة حسب تأكيدات جميع المعنيين بالوضع في سوريا. 

التعارض مع المجتمع الدولي، الذي يؤيّد عودة النازحين، إنما بعد "الحلّ السياسي الشامل" في سوريا، ما يرفضه لبنان، كان موضوع أخذ ورد وجدل خلال هذا العام بين وزارة الخارجية والمنظمات الدولية. فلبنان هو "مَن يأكل العُصي"، فيما أنّ أقصى ما يقوم به الآخرون هو مساعدته على تحمُّل "الضربات". أمّا "الخوف الأكبر" فهو من مشاريع دمج النازحين أو توطينهم، خصوصاً بعد ما عاناه وما زال يعانيه لبنان من تجربة اللاجئين الفلسطينيين.

مؤتمر بروكسل الثاني الداعم لسوريا حول ‏قضية النازحين السوريين، في نيسان الماضي، كان أحد محطات الخلاف. وعلى رغم أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري كان مُشارِكاً على رأس وفد في المؤتمر، رفض لبنان الرسمي، البيان المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي، واعتبر أنه يتعارض مع الدستور، ويضمر التوطين ويعرّض الوطن للخطر، وذلك من خلال مصطلحات "العودة الطوعيّة" و"العودة الموقتة"» و"إرادة البقاء" و"الانخراط في سوق العمل"، حسب عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وباسيل.

ومن ضمن هذه المواجهة بين لبنان والمجتمع الدولي حول قضية النازحين السوريين، إيقاف باسيل طلبات الإقامة المقدمة لصالح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، متهماً إياها بـ"تخويف" النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم. 

وعادت العلاقة إلى طبيعتها، بعد موافقة المفوضية على اقتراح باسيل القاضي بتقسيم النازحين لفئات تمهيداً لتنظيم عودتهم، وأكدت عملها الدائم داخل سوريا لإزالة العوائق أمام العودة الكريمة والآمنة، وشدّدت على أنها ليست في وارد تشجيع العودة الآن، ولكن لن تقف بوجه مَن يريد العودة الطوعية أفراداً أو جماعات، كما أنها وافقت على مشاركة وزارة الخارجية والمغتربين بداتا المعلومات التي في حوزتها والتي كانت تتشاركها مع وزارة الشؤون الاجتماعية منذ سنة 2015.

كذلك، سارعت وزارة الخارجية إلى الرد على غراندي خلال جولته على لبنان والأردن وسوريا، وأعلنت أنها لا توافق على كلامه غراندي الذي يعارض عودة النازحين السوريين الى بلادهم في الظروف الحالية، لأنها على العكس من ذلك تعتبر أنّ العودة الجزئية والممرحلة هي ممكنة وظروفها متوافرة.

الدولة اللبنانية، التي فشلت في التعامل مع أزمة النزوح منذ عام 2011، بما يحفظ حقوق النازحين الإنسانية وكرامتهم، ويحمي المجتمع اللبناني في الوقت نفسه من تداعيات النزوح، تتخبّط مكوّناتها، متّهِمة بعضها البعض. ففي حين تتهم جهات باسيل بعرقلة إنشاء مخيمات للنازحين بين عكار والبقاع، وإصراره على وقف تسجيل النازحين، ما أوصل إلى ما وصل إليه هذا الملف، يرى "التيار" أنه هو مَن يحمل على عاتقه مواجهة هذه القضية وأنّ باسيل كان أوّل مَن طلب إقفال الحدود بوجه النازحين ومَن يرصد القرارات الدولية في هذا الشأن ويقف لها بالمرصاد.

Script executed in 0.033252954483032